التعريف بالمترجم الترجمان الرسمي:

النصوص القانونية المنظمة لمهنة المترجم الترجمان الرسمي

  • الأمر رقم 13-95 المؤرخ في 11 مارس 1995 المتضمن تنظيم مهنة المترجم – الترجمان الرسمي.
  • المرسوم التنفيذي رقم 436-95 المؤرخ في 18 ديسمبر 1995 المحدد لشروط الالتحاق بمهنة المترجم – الترجمان الرسمي، وممارستها، ونظامها الانضباطي، وقواعد تنظيم المهنة وسير أجهزتها.
  • المرسوم التنفيذي رقم 292-96 المؤرخ في 2 سبتمبر 1996 المتضمن تنظيم محاسبة المترجمين – التراجمة الرسميين والمحدد لكيفيات دفع الأتعاب مقابل خدماتهم.

شروط الالتحاق بمهنة المترجم – الترجمان الرسمي

يمر الالتحاق بمهنة المترجم – الترجمان الرسمي بمسابقة تحدد كيفيات تنظيمها وإجرائها بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح من الغرفة الوطنية للمترجمين – التراجمة الرسميين. ويتمتع المترجم الترجمان الرسمي بصفة ضابط عمومي. يتم تعيينه بموجب قرار من وزير العدل. يجب عليه ارتداء اللباس الرسمي في نفس شروط كاتب الضبط عندما يدعى لتقديم خدماته في الجلسات القضائية.

يشترط أن تتوفر في المترشح لمسابقة المترجم الترجمان الرسمي الشروط الآتية:

  • التمتع بالجنسية الجزائرية.
  • بلوغ سن 25 سنة على الأقل.
  • التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جناية أو جنحة مخلة بالشرف.
  • حيازة دبلوم في الترجمة من معهد الترجمة أو شهادة معترف بمعادلتها له.
  • خبرة في مهنة المترجم الترجمان لمدة لا تقل عن خمس سنوات على مستوى مصلحة الترجمة لدى جهة قضائية أو إدارة أو هيئة أو مؤسسة عمومية أو خاصة أو منظمة أو مكتب عمومي للترجمة الرسمية أو مكتب أجنبي للترجمة.
  • التوفر على إقامة مهنية.

الأحكام الختامية

يتم تعيين المترجم – الترجمان الرسمي بموجب قرار من وزير العدل، ويؤدي قبل مباشرة مهنته اليمين القانونية أمام المجلس القضائي لمحل إقامته المهنية.

مهام وواجبات المترجم – الترجمان الرسمي:

مهام المترجم الترجمان الرسمي

يضطلع المترجم الترجمان الرسمي بالعديد من المهام من بينها:

  • أن يقوم بالترجمة الكتابية أو الشفاهية من لغة إلى لغة أخرى.
  • الوحيد المؤهل للتصديق والمصادقة على ترجمة كل وثيقة أو سند كيفما كانت طبيعته.
  • أن يقوم، في حدود اختصاصاته وصلاحياته، وعندما يطلب منه ذلك، بأعمال الترجمة المألوفة في الاجتماعات أو الندوات أو الملتقيات أو المؤتمرات.

ويلتزم المترجم الترجمان الرسمي بما يلي:

  • المحافظة على السر المهني.
  • ارتداء اللباس الرسمي عندما يُدعى لتقديم خدماته في الجلسات القضائية.
  • الامتناع عن قبول هبات عينية أو نقدية أو أي امتياز آخر خلال القيام بمهامه أو بمناسبتها.

تكييف مركز المترجم أمام القضاء:

تُعد الترجمة القانونية أمام المحاكم الجزائرية من أكثر فروع الترجمة حساسية وأهمية، إذ تتجاوز مجرد النقل الحرفي للكلمات بين لغتين لتصبح جسراً بين نظامين قانونيين مختلفين، يحمل كل منهما مفاهيمه ومصطلحاته وخصوصياته الثقافية. لهذا، يتطلب عمل المترجم الترجمان الرسمي معرفة دقيقة بالنظامين القانونيين وإلماماً عميقاً بالمصطلحات القانونية والسياقات التشريعية، إلى جانب الالتزام الصارم بالحياد والأمانة في نقل المعنى القانوني. بالرغم من النصوص المنظمة لمهنة المترجم الترجمان الرسمي في الجزائر، فقد أثارت الفقهية القانونية والقضائية نقاشاً واسعاً حول الطبيعة القانونية لعمل المترجم أمام القضاء. ويمكن تلخيص الاتجاهات الفقهية والاجتهادات القضائية في هذا المجال كما يلي:

أولاً: المترجم كوسيلة إثبات

يرى بعض الفقه أن دور المترجم لا يتجاوز نقل العبارات من لغة إلى أخرى دون إبداء رأي علمي أو فني، وهو بذلك يشبه الشاهد الذي يقتصر دوره على الإدلاء بما رآه أو سمعه. ويستند هذا الاتجاه إلى أن الترجمة، في صورتها التقليدية، لا تتطلب خبرة فنية بل مجرد أمانة ودقة في النقل.

ثانياً: المترجم كخبير فني

في المقابل، يرى اتجاه آخر أن الترجمة القانونية أمام القضاء تُعد نوعاً من أنواع الخبرة الفنية، إذ يحتاج القاضي في كثير من الأحيان إلى مساعدة المترجم في فهم نصوص أو أقوال محررة بلغة أجنبية أو بمصطلحات قانونية متخصصة. في هذه الحالة، لا يقتصر دور المترجم على النقل الحرفي، بل يتطلب الأمر فهماً للنظامين القانونيين والثقافة القانونية للطرفين. وقد أكدت هوارية شعال في دراستها حول الترجمة القانونية أن المترجم أمام القضاء الجزائري يُعد خبيراً متخصصاً، إذ يتطلب عمله إتقان تقنيات التكييف القانوني وفهم السياقات التشريعية والثقافية للنصوص، مما يجعل الترجمة القانونية أقرب إلى الخبرة الفنية منها إلى مجرد الشهادة.

ثالثاً: موقف التشريع والاجتهاد القضائي الجزائري

كرّس التشريع الجزائري خصوصية مركز المترجم الترجمان الرسمي، حيث منحه صفة الضابط العمومي، وفرض عليه أداء اليمين القانونية قبل مباشرة مهامه، وأناط به مهام الترجمة الكتابية والشفوية والتصديق على الوثائق الرسمية، مع الالتزام بالسر المهني والحياد التام. وقد أكدت المحكمة العليا الجزائرية أن غياب الترجمة الرسمية أو وجود ترجمة غير دقيقة يؤدي إلى بطلان الإجراءات، باعتبار الترجمة الرسمية إجراءً جوهرياً من النظام العام. كما شددت على أن المترجم الترجمان الرسمي يُعد من أعوان القضاء، وأن عمله يشمل التكييف القانوني والفهم العميق للنصوص.

انطلاقاً من التحليل الفقهي والاجتهاد القضائي، يتضح أن الترجمة القانونية أمام القضاء الجزائري تمثل خبرة فنية متخصصة، تتطلب تكويناً عالياً وإلماماً بالأنظمة القانونية المختلفة. ولهذا، يُعد المترجم الترجمان الرسمي خبيراً متخصصاً يعاون القضاء في تحقيق العدالة وضمان حقوق المتقاضين.

صور المسؤولية الجزائية للمترجم الترجمان الرسمي:

أ/ شهادة الزور والتحريف العمدي:

تطبق على المترجم–الترجمان الرسمي “الذي يحرف عمدًا جوهر الأقوال أو الوثائق التي يترجمها شفويًا أو كتابيًا العقوبات المقررة لجريمة شهادة الزور طبقا لأحكام المادة 237 من قانون العقوبات”.

وتنص المادة 237 من قانون العقوبات على ما يلي:
“يعاقب المترجم الذي يحرف عمداً جوهر الأقوال أو الوثائق التي يترجمها شفوياً وذلك في المواد الجزائية أو المدنية أو الإدارية بالعقوبات المقررة لشهادة الزور وفقاً للتقسيم المنصوص عليه في المواد من 232 إلى 235. وإذا وقع التحريف في الترجمة المكتوبة بوثيقة معدة أو صالحة لإقامة الدليل على حق أو على واقعة ذات آثار قانونية، يعاقب بالعقوبات المقررة للتزوير وفقاً للتقسيم المنصوص عليه في المواد 214 إلى 221 وتبعاً لطبيعة المستند المحرف”.

وبالتالي، إذا تعمد المترجم الرسمي تحريف الترجمة، فإنه يعاقب بنفس العقوبة المقررة لشهادة الزور أمام القضاء.

ب/ المسؤولية عن الوثائق المترجمة:

“يكون المترجم – الترجمان الرسمي مسؤولا عن الوثائق المترجمة سواء كانت محررة بالآلة الكاتبة أو مطبوعة أو مستنسخة بالوسائل والأجهزة المناسبة. وفي جميع الحالات تترجم الوثائق بصفة واضحة بدون بياض أو شطب أو نقص أو زيادة بين الأسطر. يجوز للمترجم – الترجمان الرسمي أن يكتب في أسفل الملحقات أي اختصار يظهر في النص الأصلي”.

ت/ العقوبات الأخرى:

يخضع المترجم الرسمي أيضاً للعقوبات المقررة للموظفين العموميين والضباط العموميين في حال ارتكابه أفعالاً مجرمة مثل الرشوة، التزوير، إفشاء السر المهني، أو الامتناع غير المبرر عن أداء الخدمة عند الطلب من السلطة القضائية، وذلك بموجب الإحالة العامة في المادة 19 من الأمر رقم 13-95 على العقوبات المدنية والجزائية المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما.

وتؤكد اجتهادات القضاء الجزائري من جهتها على أن صفة الضابط العمومي للمترجم الرسمي تضعه تحت طائلة المسؤولية الجزائية المشددة في حال الإخلال بواجباته، خاصة إذا تعلق الأمر بتحريف الترجمة أو التصديق على وثائق مزورة، وتعتبر أي إخلال بذلك جريمة تمس بالثقة العامة وتستوجب المتابعة الجزائية.

وبالمقابل، يحظى المترجم الرسمي أثناء تأدية مهامه بحماية جزائية، حيث تعاقب القوانين على أي إهانة أو اعتداء بالعنف أو القوة عليه أثناء تأدية وظيفته، طبقاً للمادتين 144 و148 من قانون العقوبات حسب الحالة. ويمارس المترجم مهامه بشكل حر من دون أي تأثير، “التأثير على الخبراء أو المترجمين يعاقب بمثل ما يعاقب بالتأثير على الشهود وفقاً لأحكام المادة 236 من قانون العقوبات”.

1 – المادة 16 من الأمر رقم 13-95 المؤرخ في 11 مارس 1995 المتضمن تنظيم مهنة المترجم – الترجمان الرسمي.
2 – المادة 237 من قانون العقوبات الجزائري.
3 – المادة 20 من الأمر رقم 13-95 المؤرخ في 11 مارس 1995 المتضمن تنظيم مهنة المترجم – الترجمان الرسمي.
4 – المادة 19 من الأمر رقم 13-95 المؤرخ في 11 مارس 1995 المتضمن تنظيم مهنة المترجم – الترجمان الرسمي.
5 – المادة 239 من قانون العقوبات الجزائري.

الترجمة التحريرية

تمر عملية ترجمة الوثائق القانونية والقضائية لدى المترجم الترجمان الرسمي بمراحل متسلسلة وهي من أكثر مجالات الترجمة حساسية وتعقيدًا، إذ تتطلب مستوى عاليًا من الدقة والاحترافية، لما لها من أثر مباشر على الحقوق والمراكز القانونية للأفراد والمؤسسات. هي تخضع لجملة من المراحل المتسلسلة، التي تتسم كل واحدة منها بمتطلبات دقيقة وإجراءات رسمية، تتكامل جميعها لتحقيق أعلى درجات الدقة والموثوقية القانونية والإنسانية.

أولاً: استلام الوثيقة وفحصها الأولي

تبدأ العملية باستلام الوثيقة الأصلية من الجهة المعنية أو صاحب المصلحة، حيث يتحمل المترجم الترجمان الرسمي مسؤولية التأكد من سلامة الوثيقة من حيث الشكل والمضمون، والتحقق من عدم وجود أي تزوير أو تحريف قد يمس بصحة الوثيقة أو يؤثر على محتواها القانوني. وتُعد هذه الخطوة حاسمة، إذ أن أي خلل في الوثيقة الأصلية قد ينعكس سلبًا على الترجمة ويعرضها للطعن أو عدم القبول أمام الجهات المختصة.

في هذه المرحلة، يقوم المترجم بتحديد نوع الوثيقة (عقد، حكم قضائي، شهادة ميلاد، شهادة جامعية، توكيل، إلخ)، والغرض من الترجمة، والجهة المستفيدة منها (محكمة، إدارة، سفارة، مؤسسة تعليمية، إلخ). كما يتأكد من أن الوثيقة لا تتعارض مع النظام العام أو الآداب العامة أو القوانين السارية في الجزائر، ويحتفظ بحق رفض الترجمة إذا وجد فيها ما يخالف ذلك، حمايةً لمسؤوليته القانونية والأخلاقية.

ثانياً: دراسة السياق القانوني والإطار التشريعي

تتطلب الترجمة الوثائقية القانونية إلمامًا عميقًا بالسياق القانوني للوثيقة، إذ يطلع المترجم الترجمان الرسمي على القوانين والتشريعات ذات الصلة، ويحدد النظام القانوني الواجب مراعاته في الترجمة (القانون الجزائري، القانون الأجنبي، أو القانون الدولي، بحسب الحالة). ويستعين المترجم بالقواميس القانونية المتخصصة، والموسوعات التشريعية، والمراجع القانونية ثنائية اللغة، لضمان اختيار المصطلحات الصحيحة والمكافئة وظيفيًا في اللغة الهدف.

وفي بعض الحالات المعقدة، قد يتشاور المترجم مع خبراء قانونيين أو مترجمين آخرين إذا واجه إشكاليات اصطلاحية أو مفاهيمية يصعب حسمها بمفرده، وذلك لضمان دقة الترجمة وعدم الإخلال بالمعنى القانوني الأصلي. فالمترجم هنا لا يكتفي بنقل الكلمات، بل ينقل المفاهيم القانونية وفقًا للسياق التشريعي والثقافي للجهة المستفيدة.

ثالثاً: الترجمة التحريرية الدقيقة

تشكل مرحلة الترجمة التحريرية جوهر العملية، حيث ينجز المترجم الترجمان الرسمي الترجمة مع الالتزام بالدقة التامة في نقل المعنى القانوني، والحفاظ على التنسيق والشكل الرسمي للوثيقة الأصلية. ويحرص على استخدام المصطلحات القانونية المعتمدة في النظامين المصدر والهدف، مع تجنب الترجمة الحرفية التي قد تخل بالمعنى أو الأثر القانوني للنص.

تبرز هنا أهمية الخبرة القانونية والثقافية للمترجم، إذ أن أي خطأ أو غموض قد يؤدي إلى نتائج قانونية جسيمة، مثل رفض الوثيقة أو بطلانها أمام الجهات المختصة.

رابعاً: المراجعة والتدقيق القانوني واللغوي

بعد إتمام الترجمة الأولية، يخضع النص المترجم لمراجعة دقيقة، سواء من قبل المترجم نفسه أو بمساعدة مترجمين آخرين عند الضرورة، لضمان خلوه من الأخطاء اللغوية أو القانونية، ومطابقته للأصل في المضمون والشكل. تشمل هذه المراجعة تدقيق علامات الترقيم، الأسماء، التواريخ، الأرقام، الأختام، والتأكد من أن جميع التفاصيل قد نُقلت بدقة تامة.

وفي حال وجود أي غموض أو نقص في الوثيقة الأصلية، قد يطلب المترجم توضيحات إضافية من الجهة المرسلة أو صاحب الوثيقة، وذلك لتفادي أي تأويل خاطئ أو إسقاط غير مقصود لمعلومات جوهرية. وتُعد هذه المرحلة ضرورية لضمان سلامة الترجمة وقبولها رسميًا.

لقد كشفت اجتهادات المحكمة العليا أن أي غموض أو عدم وضوح في الترجمة الشفهية قد يؤدي إلى نقض الحكم. على سبيل المثال، انتقدت المحكمة العليا اعتماد القضاة على وثيقة غير مترجمة دون تبيان أو الرد على دفع الطرف المعترض، واعتبرت ذلك سببًا كافيًا لنقض القرار المطعون فيه.

خامساً: التنسيق الاحترافي للترجمة

يتكفل المترجم بإعداد وتنسيق المستندات المترجمة، لضمان تقديمها بشكل احترافي ومنسق، مهما كان نوع أو صيغة الوثيقة الأصلية. نحن ندرك أن الترجمة لا تقتصر فقط على نقل النص من لغة إلى أخرى، بل إن العرض البصري للمحتوى يلعب دورًا أساسيًا أيضًا.

في الواقع، قد تختلف طول النصوص من لغة إلى أخرى، مما قد يؤثر على توزيع العناصر داخل المستند النهائي. علاوة على ذلك، هناك بعض اللغات التي تُكتب من اليمين إلى اليسار (مثل العربية أو الفارسية) في حين أن أخرى تكتب من اليسار إلى اليمين، الأمر الذي يتطلب تعديلات خاصة في التنسيق لضمان قراءة سلسة وطبيعية.

سادساً: إجراءات التصديق والتوثيق الرسمي

بعد الانتهاء من الترجمة والمراجعة، يضع المترجم الترجمان الرسمي ختمه وتوقيعه على الوثيقة المترجمة، ويمكنه تحرير شهادة تثبت صحتها وتطابقها مع الأصل وفقا لما تقتضيه القوانين المعمول بها. تُسجل الترجمة في سجل خاص يُوقع عليه رئيس المحكمة المختصة إقليميًا، ويُعطى رقم تسلسلي للوثيقة، ما يمنحها قوة ثبوتية رسمية أمام الجهات القضائية والإدارية.

تُسلم الوثيقة المترجمة للجهة المعنية، وتُحتفظ نسخة منها في أرشيف مكتب المترجم للرجوع إليها عند الحاجة أو في حال الطعن أو النزاع. وتُعد هذه الإجراءات ضمانة أساسية لسلامة العملية القانونية، وتمنح الوثيقة المترجمة حجية رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا وفقًا للإجراءات المحددة قانونًا.

الترجمة الشفهية القضائية

تنص المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، كما يكرسها التشريع الجزائري، على أن لكل متقا ٍض أو متهم بارتكاب فعل جنائي ال يفهم أو ال يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة، الحق في االستعانة بالمترجم الترجمان الرسمي دون مقابل خالل جميع مراحل التقاضي. ويعد حضور المترجم الترجمان الرسمي ضمانة أساسية لحق الدفاع والمساواة أمام القضاء، ويشمل ذلك كافة مراحل الدعوى الجنائية والمدنية التي تستلزم الفهم الدقيق لإلجراءات والقرارات القضائية.

/1 مراحل التقاضي التي تستلزم حضور المترجم الترجمان الرسمي في القانون الجزائري:

أ- مرحلة التحقيق االبتدائي (الشرطة القضائية):
عند استجواب المشتبه فيه من طرف الضبطية القضائية أو عند سماع الشهود الذين ال يفهمون أو ال يتكلمون اللغة الرسمية، يتعين حضور المترجم الترجمان الرسمي لتيسير التواصل وضمان تدوين أقوال دقيقة.

ب- مرحلة التحقيق القضائي (قاضي التحقيق):
خالل التحقيق أمام قاضي التحقيق، سواء أثناء استجواب المتهم أو سماع الشهود أو مواجهة الأطراف، يجب الاستعانة بالمترجم الترجمان الرسمي إذا كان أحدهم ال يفهم أو ال يتكلم لغة المحكمة. حيث يجوز لقاضي التحبيب استدعاء مترجم.

ت- مرحلة المحاكمة أمام المحكمة:
في جلسات المحاكمة، سواء أمام المحكمة الجنائية أو المدنية، يُستدعى المترجم الترجمان الرسمي لترجمة المرافعات، الأسئلة، أجوبة المتهم أو الشهود، وأي وثائق أو أحكام ذات صلة، بما يضمن فهم جميع الأطراف لسير الإجراءات. ويمكن الاستعانة بالمترجم الترجمان الرسمي بالمحاكم العسكرية أيضا.

ث- مرحلة الطعن والاستئناف:
عند تقديم الطعون أو الاستئناف، يجب توفير الترجمة الرسمية للقرارات والأحكام، وكذلك جلسات الاستماع، إذا كان أحد الأطراف لا يتقن لغة المحكمة. ويتحقق الرئيس من وجود المترجم عندما يكون وجوده لازما للرجوع إليه عند الاقتضاء.

ج- مرحلة تنفيذ الأحكام:
في حالات تنفيذ الأحكام التي تتطلب حضور الأطراف غير الناطقين بلغة المحكمة، يجب حضور المترجم الترجمان الرسمي لضمان فهم الإجراءات والقرارات التنفيذية.

وبذلك، يشكل حضور المترجم الترجمان الرسمي في جميع مراحل التقاضي ضمانة جوهرية لتحقيق العدالة، ويكفل للمتقاضين غير الناطقين بلغة المحكمة ممارسة حقوقهم كاملة، انسجاما مع الدستور الجزائري والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

/2 أساليب الترجمة الشفهية:

أ- الترجمة الشفوية (الفورية):
الترجمة الشفوية، أو الترجمة الفورية، هي عملية نقل الكلام من لغة إلى أخرى في نفس لحظة النطق تقريبًا. يُعد هذا الأسلوب الأكثر تطلبًا من الناحية الذهنية، إذ يتعين على المترجم الاستماع إلى المتحدث بلغة المصدر، ومعالجة المعلومات ذهنيًا، ثم نقلها إلى اللغة الهدف دون توقف أو انتظار. يُستخدم هذا النوع من الترجمة في أغلبية الأشغال القضائية حيث يكون الوقت عاملاً حاسماً ولا يمكن إيقاف المتحدث بعد كل جملة.

تتطلب الترجمة الشفوية مهارات خاصة، مثل التركيز العالي، وسرعة البديهة، والقدرة على التعامل مع المصطلحات المتخصصة، بالإضافة إلى إلمام عميق بالسياق الثقافي والقانوني للخطاب.

ب- الترجمة الكمية:
أما الترجمة الكمية، فهي أسلوب يعتمد على تقسيم النص أو الخطاب إلى وحدات أو مقاطع صغيرة (عبارات، جمل، أو فقرات)، بحيث يستمع المترجم إلى جزء محدد من الكلام، ثم يقوم بترجمته شفهيًا قبل الانتقال إلى الجزء التالي. يُعد هذا الأسلوب مناسبًا في الحالات التي تكون فيها الأقوال معقدة أو طويلة ولا سيما لما يتعلق الأمر بمتهم أو مشتبه فيه مرتبكًا، أو عندما يحتاج المترجم إلى وقت إضافي لمعالجة المعلومات وضمان الدقة.

على سبيل المثال، في جلسة استماع قضائية، قد يطلب المترجم بالاستماع إلى بضعة جمل متتالية من شهادة أحد الأطراف، ثم يقوم بترجمتها دفعة واحدة، ثم يستمع إلى الجزء التالي وهكذا. يُساعد هذا الأسلوب في تقليل الضغط ويمنح المترجم فرصة لمراجعة الترجمة ذهنيًا قبل نقلها، لكنه يتطلب أيضًا ذاكرة قوية وقدرة على تدوين الملاحظات بسرعة.


المراجع القانونية:

  • 1 - المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  • 2 - المادة 65 مكرر 10 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
  • 3 - المادة 91 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
  • 4 - المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
  • 5 - المادة 185 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
  • 6 - المادة 119 من قانون القضاء العسكري الجزائري.
  • 7 - المادة 298 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.